من المختارات لكم (67): الشيخ المسند الرحلة صالح بن عبدالله العصيمي كما عرفته.

بسم الله الرحمن الرحيم
الشيخ المُسند الرحلة صالح بن عبدالله بن حمد العصيمي
كما عرفته
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فإن من المشايخ الأجلاء، والعلماء الفضلاء، الذين أكرمني الله تعالى بمعرفتهم، ولقائهم، والاستفادة من فوائدهم وفرائدهم، فضيلة الشيخ المحدّث المُسند الرحلة صالح بن عبدالله بن حمد العصيمي حفظه الله ورعاه، وسدد على النهج القويم خطاه، نشأ في دوحة العلم، ورياض العلماء، والتقى في مستقبل عمره بجمع من العلماء النجديين والحجازيين، وقرأ عليهم، واستفاد علماً غزيراً، وحظاً وفيراً؛ من الفهم الثاقب، وجميل المناقب، ونبغ وبرع ولم يكمل العشرين من عمره! وصنف وكتب من جميل الرسائل بالتحقيق والتخريج وهو في طلائع العشرينيات من عمره، ولم يكن حينها (شاملات الكمبيوتر) ولا (محركات البحث) التي استأسد بها (الأقماع هذه الأيام)!
ولم ينقطع عن مجالس العلماء، ولا حلق الجلة الفضلاء، بل يكبر ويكبر نهمه في الجمع والتحصيل، والرحلة ونقل الأسفار في الأسفار، وما من عالمٍ ذكره يصول، أو فضّل العزلة والخمول إلا وللشيخ صالح به معرفة وصلةً وأخذاً واستفادة، وصاحب ذلك جمع الأسانيد، وتحصيل الإجازات على طريقة أهل العلم الأكابر لا على طريقة من همّه التكاثر، والمفاخرة برواية الكتب والدفاتر، وكتب ونسخ، وجمع مصورات المخطوطات، ووقف على نوادر المؤلفات، ونظر وناظر، واستفاد وأفاد، فجمع ما بين الرواية والدراية، والتعلّم والتعليم، وكم صحبته في درسٍ وأنا وإياه في الصباح عند شيخٍ مسنٍّ يعلمنا، ثم أراه في المساء يجلس لطلابه وأصحابه يعلمهم، فعظم نفعه، وبورك له في وقته، وشرح من المتون بالتحقيق والتدقيق، والنظر والتأمل، ما لا يكاد يجارى فيه في مثل هذا الزمان، في برامج متنوعة متعددة في داخل مدينة الرياض وخارجها، حتى تربع على كرسي التعليم في الحرمين، وذاع ذكره بين الخاص والعام من طلاب العلم بل وعامة الناس، حتى قال لي شيخٌ صالح مدني: أنا ابن المدينة، والله ما رأت عيني من عقودٍ طويلة حلقة أكثر ولا أكبر من حلقة هذا الشيخ! وحي الله بها من كثرة على التوحيد والسنة، والعلم والعمل، لا كثرة بدعة وغواية، فشرح في الحرمين كتاب التوحيد ومرات، وسائر مهمات المختصرات في التوحيد والسنة لأئمة أهل السنة عموما، وعلماء الدعوة النجدية السلفية خصوصاً، فهنيئاً له بهذه الجهود الطيبة المباركة، وسدده الله تعالى على كلّ خير.
كل هذا مع كرهه للظهور، والاستشراف للشهرة، وطلب ثناء الناس، ولو أرادها لنالها بسهولة، وكان لديه من علم الجنان وفصاحة اللسان ما يظهره من قوله ومنقوله، ولكن-أحسبه والله حسيبه- لا يريد إلا الله، وقد سمعته مرة يعاتب بعض من شغل عن الانتباه للدرس من طلابه بأنه لا يريد دنيا، ولا يطلب شهرة، ولو أرادها لنالها، فجزاه الله خيراً.
وليعلم من نظر! أنني قد كنت كتبت عنه مرات ومرات، وكان في كلّ مرة يبلغه ما أكتب عنه يتصل بي مباشرة، وينكر عليّ ويطلب مني محو ما كتبت، والتراجع عنه، وهذا من نبلِه وكريم فضله، وكل ما مضى كان الأمر منه، ورأيه غنم، وطاعته غرم، إلا هذه المرة، فهو من حقه علي أن أذب عن عرضه وجنابه، وأن أكتب ما يسر عيون أحبابه وأصحابه، ويغيض قلوب الحاسدين.
نعم؛ لما كان الحسد آفة خطافة، والجهل مطية لقّافة ، رام بعض الجهال والحساد أن يسقطوه، فعابوه بما هو بعيدٌ عن العيب بين سائر المقالات، وشانوه بما لا شين فيه عند أهل العدل والكمالات، وإنما تلّقفوا محتمل الكلام، ومشكل العبارات، وتركوا الواضحات البينات، من دروسه العلمية وما له من مؤلفات، وجاءوا يركضون بعبارات تحرفها عيون الحسد، وتصرّفها ألسنة الجهل، وتراها شيناً قلوبُ الحمقى! وهي وايم الله- لا تبيح الكلام فيه في غيبته واغتيابُه، ولا التطاول على بما يصان عنه كريمُ قدره وجنابُه، بله أن يزعم الغرّ الجاهل أنها تخرجه من صدق الاتباع للدعوة السلفية، وإلحاقه بالطرائق البدعية الغوية، وهو ابن السلفية حقاً، ولو لم يكن من دلائل سلفيته إلا عنايته الفائقة بكتب أئمة الدعوة النجدية السلفية، وكتب أهل السنة المسندة المروية، تأصيلاً وتفصيلاً، وشرحاً وبياناً، لكان أكبر دليل على سلفيته الصادقة، ولكنّهم قومٌ يجهلون، وبنار الحسد والحماقة يصطلون ولا حول ولا قوة إلا بالله، قال الله تعالى: ﴿إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ * وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ * يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ [النور: 15 - 17] وقال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا﴾ [الأحزاب: 58] والله المستعان ولا حول ولا قوة إلا بالله.
كتبه
بدر بن علي بن طامي العتيبي

الأربعاء 9 ربيع الأول 1436هـ

تعليقات

  1. حسدوا الفتى إذ لم ينالوا سعيه....

    ردحذف
  2. نفع الله بك شيخنا الكريم وجزاك الله خير الجزاء على هذه المقالة التي تدل على طيب أصلك

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

من المختارات لكم (130): نفي نسبة كتاب الحرف والصوت للنووي

من المختارات لكم (147): الرد على دعدوش وكلامه في صراع نجد والحجاز ومن يحق له امتلاك الحرمين

من المختارات لكم (45): وقفات مع عقيدة حاتم العوني